هندسة المشاريع - دليل عملي للجمعيات حول كيفية تخطيط و هندسة مشروع تنموي (ج13).

VIII – تقييم المشاريع


 1  التقييم في دورة حياة مشروع
يمر المشروع من مجموعة مراحل متتالية ومرتبطة بشكل رئيسي فيما بينها لتكون دورة حياة المشروع.



يضم هذا الرسم على الواجهة أهمية التقييم مع إظهار كيف أن هذا الأخير يمكنه التأثير على مختلف مراحل المشروع. ويمكن قراءة هذا التأثير أو عدمه بالشكل التالي:

إن أي اختلال يمكن أن يسبب فشل مشروع ما يمكن في :
-        في جانب التعريف والتحديد إذا كانت الحلول المقدمة ليست ملائمة أولا تمس حقيقة المشكل أو غير مقبولة من طرف غالبية المعنيين.
-        في جانب التخطيط (إذا سجل غياب أو ضعف الجدوى التقنية أو سوء تقدير للموارد الضرورية والأنشطة غير المبرمجة والاختيارات غير المتحاور بشأنها).
-        في جانب التنفيذ (بغياب وسائل التتبع أو التسيير المالي والإداري أو سوء التنظيم أو سوء توزيع المهام أو مشاكل في الاتصال أو العمل غير المدقق)
-        وبعيدا عن إقفال مشروع معين انتهت مدته فإن مرحلة أخرى تنطلق مباشرة بعد ذلك وهي مرحلة التقييم التي تشكل في حد ذاتها انطلاقة لنظام جديد يعطي نظرة جديدة عن مرحلة التحديد.
ويعطي هذا الجزء نظرة عن التقييم وأهميته في دائرة حياة مشروع معين، وعلاقة بتطورات أخرى، وخاصة تتبع المشاريع.
ويعالج هذا الجزء أيضا المقاييس المرجعية ومعايير التقييم مع نظرة موجزة حول مختلف أنواع التقييم.
وأخيرا، يقدم هذا الجزء بعض آليات العمل والمراحل اللازمة لتقييم تدخل أو مشروع.

2– تعريف التقييم:
"التقييم عمل يعتمد على وضع تقدير مباشر وموضوعي قدر الإمكان، بخصوص مشروع انتهى أو يوجد في طور الإنجاز، أو برنامج أو مجموعة مسارات أنشطة تم وضع تصورا لها فإنجازه ثم نتائجها.
يتعلق الأمر إذن بتحديد مدى ملاءمة الأهداف وقياس نسبة تحقيقها ثم أهميتها بالنسبة للتنمية ثم الفعالية وأخيرا الأثر والديمومة".
ويشرح هذا التعريف كيف أن التقييم يفترض وجود أهداف واضحة بشكل كاف ليتم مواجهتها بجدية بواسطة الملاحظة فقط. وتعتبر هذه الميزة مشتركة بين جميع أنواع التقييم، وهكذا، فإن استعمال فعل "قاس" يدل على طموح كمي يتعدى حدود الوصف الكيفي البسيط.
ويدل مصطلح تقييم بشكل عام على عملية تهدف إلى تحديد الطريقة الأكثر موضوعية وملاءمة وفعالية وأهمية أي عملية خاصة (مشروع أو برنامج) بالنسبة لكلفتها وامتيازاتها وتحقيق أهدافها. وبخصوص ميدان المشاريع التنموية السكانية، يمكن تعداد أربعة أنواع مهمة من التقييم: قبل إنجاز المشروع (رأي)، أثناء إنجازه (التقييم الوسطي) ثم في نهاية المشروع وأخيرا النوع الأخير من التقييم وهو المنجز بعد نهاية المشروع بمده (تقييم التأثير).

3 – أهمية التقييم بالنسبة لتحسين جودة التدخلات:
تتطلب طبيعة العمل الجمعوي متابعة مستمرة لأنشطة وطرق العمل وتقييمها في الوقت المحدد وذلك لتحقيق التعديلات اللازمة ولتحسين أنظمة ومقاربات التدخل وتتجلي أهمية التقييم في كونه عملية تقدير لنتائج نشاط بهدف تحسينه ولهذا، فتقييم عمل هو قياس ما يساويه. وبصورة أخرى، إعطاؤه قيمة كمية و (أو) نوعية ويتطلب هذا التدخل 3 مراحل متتابعة ومرتبطة: أولا البحث موضوعيا وبدون أي غموض عما هو جيد وما هو سيء في هذا العمل، ثم شرح لماذا قيمنا هذا النشاط أو تلك الطريقة بالجيد أو بالسيء (إعطاء السبب)، وأخيرا استخلاص المعلومات اللازمة لأجل أي تدخل في المستقبل.

4 – العلاقة بين المتابعة والتقييم:
من المهم التفريق بين المتابعة والتقييم بالنسبة لمشروع ما فتطبيقيا، تمثل عمليتين متكاملتين ومرتبطتين خصوصا إبان المشروع.
وإذا كان التقييم يمثل تقديرا عاما للإنجازات ومستوى بلوغ الأهداف، فإن المتابعة يمكنها اقتراح إعادة تقويم وتعديل بعض الأنشطة أو الإجراءات المتخذة خلال مدة إنجاز المشروع.
وتحدد هذه التعديلات على أساس تقويم عرضي أو مطلق ومن هنا، سيمكن ملاحظة العلاقات المتينة التي تربط المتابعة بالتقييم وخصوصا خلال مرحلة إنجاز المشروع.
وعموما فمن خلال اللغة اليومية، نتحدث كثيرا عن المتابعة – التقييم وبالنسبة للبعض، فهذان المفهومان يعنيان نفس الشيء. أما تطبيقيا، فالمتابعة والتقييم هما نشاطان متكاملان لكنها إنما مختلفان.
·        المتابعة، من وجهة نظر الزمن، عمل مستمر أثناء المشروع بل وأيضا بعد انتهاء أنشطته بينما تدل المتابعة على عملية آنية تقع أثناء أوقات معينة من حياة المشروع.
·        المتابعة، من وجهة نظر المسؤولية، هي عمل داخلي متعلق بالمشروع بينما يتطلب التقييم في غالب الأحيان شخصا أو مجموعة غير معنية مباشرة بالمشروع.
·         وفيما يخص المحتوى، فإن المتابعة تهدف إلى ضمان مطابقة سير العمليات مع التخطيط (مخطط العمل وأجندة إنجازه)، بينما يخص التقييم الأنظمة واستراتيجيات التدخل وطريقة استغلال الموارد المتاحة وموقع المشروع مقارنة مع أهدافه إلى غير ذلك...
وفي هذه الحالة، فإن المتابعة هي نظام نسقي متتابع لجمع ودراسة المعلومات. إنها أيضا نشاط داخلي متعلق بإنجاز المشروع يمكن من تحديد التشوهات أثناء تنفيذ المشروع وإدخال تعديلات وتوجيهات تقنية جديدة على تسيير المشروع.
لماذا يجب علينا القيام بمتابعة الأنشطة عند تنفيذ مشروع ما؟
Ø     للحصول على إنجازات مطابقة للنتائج المرجوة والأنشطة المسطرة.
Ø     احترام التوقيت (عبر أجندة الإنجاز)
Ø     الاستغلال الأمثل للموارد (المالية والبشرية والمادي)
Ø     تفادي تحول المشاكل، التي يمكن ظهورها أثناء مرحلة الإنجاز، إلى مصدر للصراعات الدائمة.
Ø     إخبار الشركاء الآخرين بمستوى تقدم الإنجازات.

5 – مختلف أنواع التقييم:
توجد أنواع مختلفة من التقييم لقياس درجة فعالية مشاريع التنمية حيث أن أهدافها وإجراءاتها هي نفسها رغم أن تصورها تم وضعه على مستويات مختلفة. وسندرس في هذا الدليل نوعين من التقييم التي يوصى بها بشكل أكبر.
التقييم الداخلي:
يدعي التقييم داخليا أو تقييما ذاتيا عندما يكون الشخص القائم على التقييم منتميا إلى المؤسسة المسؤولة عن المشروع، ويمكن القيام بهذا النوع من التقييم سريعا، كما يمكن استخدام نتائجه وخلاصاته وتوصياته.
 وكل تقييم تم باحترام شروط إنجازه يكون فعالا ونافعا إلا أنه قد يتعرض لنقص في الانفتاح وبالتالي لا يضيف إلا القليل من الأشياء الجديدة مقارنة بالرؤى المعتادة للمؤسسة المسيرة للمشروع. كما يمكن أن يعاني من نقص في الموضوعية حيث تلعب المؤسسة المسيرة للمشروع دور الخصم الحكم في نفس الوقت.
التقييم الخارجي:
يدعى التقييم خارجيا عند ما يتم اختيار القائم على التقييم من خارج المؤسسة المكلفة بالمشروع. ويكون هذا النوع من التقييم طويل الأمد غير أن  مصداقيته أكبر بكثير باعتبار أن مختلف وجهات النظر تتقابل من أجل الوصول إلى نتائج مرضية يمكن تعميمها.

6 – المقاييس المرجعية أو معايير التقييم:
يمكن ان يهتم التقييم الخاص لمشروع أو لبرنامج بمجموعة واسعة من المعايير التي تناسب الأسئلة الأساسية التي يجب على التقييم إيجاد جوابا لها. ومن بين المعايير المتعارف عليها المستعملة في التقييم بهدف التعبير عن جودة التدخل في إجمالية يمكن ذكر التالي:
Ø     الفعالية: مستوى تحقيق الأهداف المسطرة من طرف المشروع، 
Ø     النجاعة: العلاقة بين الوسائل المعمول بها وتكلفيها من جهة والإنجازات المهولة، من جهة ثانية.
Ø     الإتقان: القيمة الملائمة للشيء المقصود والمناسبة للحقيقة و
Ø     الملاءمة: صفة كل ماهو دائم، يمكنه الحياة والنمو، إمكانية متابعة لأنشطة طورت بفضل المشروع وذلك بعد نهاية هذا الأخير.
Ø     التأثير: تأثير المشروع على المخططات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية. إنه يمثل هدف المشروع على المدى البعيد. ويتعلق الأمر عموما بهدف يتطلب تحقيقه آفاقا يتراوح ما بين المدى المتوسط والبعيد. ويتعلق الأثر بالأهداف العامة كتحسين مستوى عيش الجماهير ورفع قدرات التنمية المدعومة ذاتيا والمستدامة وحماية البيئة والتي تنتج عن التأثيرات المتدخلة لمشروع واحد أو أكثر.
يأتي تقييم الأثر بعد نهاية المشروع مع فارق واحد وهو أنه يتم بعد مضي وقت معين (حسب طبيعة المشروع أو البرنامج) وذلك لقياس الأثر.
إنه يهدف إلى إعطاء معلومات حول تأثيرات مشاريع التنمية على المدى البعيد وخصوصا على المستفيدين وعلى بيئتهم.

7 - أهم أدوات التقييم:
يعتبر عدد مهم من المسؤولين عن المشاريع أن التقييم عملية آنية، وهذا صحيح إذا أخذنا بعين الاعتبار فقط الوقت الحقيقي الذي تتطلبه العملية. لكن التقييم يجب أن يبدأ بوصفه نسقا ومجموعة أدوات، مع وضع تصور المشروع.
لماذا؟ لأننا نقيم الأهداف المسطرة في البداية والنتائج المنتظرة. ومن هنا، فمن المهم تحديد الأهداف / النتائج منذ البداية والتي يمكن التعرف عليها والتأكد منها بسهولة مع احترام مبدأ المصداقية.
وفي هذا الإتجاه، يجب التأكيد على أهمية العناصر التالية:
Ø           وثيقة المشروع،
Ø     تقنيات تجميع ومعالجة المعطيات البسيطة (استمارات، ملاحظة، الفرق البؤرية، اجتماعات، استجواب)
Ø     تنظيم جيد لوجستي وإداري.
Ø     مصادر معلومات ذات مصداقية (تقارير تقدم الأشغال ومحاضر الاجتماعات وتقارير المهمات...)
ويجب أن تأخذ هذه المجموعة من الأدوات التقنيية، التي تمكن من القيام بعملية التقييم، بعين الإعتبار المبدأ الأساسي للمشاركة وهذا من أجل القيام بعمل التقييم التشاركي والذي يشكل أحد المظاهر الدينامية للتنمية المدعو "تشارك" والذي يعتبر كأفضل استراتيجية تؤدي إلى تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة.
إن مفهوم التقييم التشاركي يعني إجراء تقييم يعتمد على المشاركة مهما كان مستوى الفاعلين المعنيين. وفي هذا الاتجاه، يمكن اعتبار كل أنواع التقييم تشاركية عندما تعمل على إشراك الفاعلين المعنيين بشكل أو بآخر. ومع ذلك، فمن المهم التأكيد على أن الأمر يتعلق أكثر بمستوى وجودة المشاركة.

9 – مراحل التقييم:
يتكون إجراء التقييم من ثلاث مراحل:
1 – استقاء المعلومات.
2 – معالجة المعلومات.
3 – استغلال المعلومات.
فيما يخص تجميع المعلومة، فإن التقييم يعتمد على نفس الأدوات التي سبقت معالجتها خلال ورشة التكوين حول تقنيات تحديد الحاجيات وتركيب مشاريع التنمية السكانية.
1 – تجميع المعلومة:
تعتبر هذه المرحلة الأولية سهلة نوعا ما إذا كانت عملية متابعة المشروع منظمة جيدا، وتتم تكملة تقارير المتابعة بواسطة ربط الاتصال بباقي المتدخلين.
مصادر تجميع المعلومة:
Ø     مراجعة كل الوثائق المتوفرة والمتعلقة بالمشروع أو بالبرنامج المطلوب تقييمه (اقتراح المشروع- تقارير حول تطور المشروع- تقارير المهمات...)
Ø     الزيارات في عين المكان التي يقوم بها فريق التقييم بتعاون مع مجموع شركاء البرنامج أو المشروع الذي يجب تقييمه (جمعية محلية، سكان أو الفاعلون الاخرون...)
 2 - معالجة المعلومة:
 بمجرد تجميع المعلومات، يجب تنظيمها وإعطاءها معنى ثم تحليلها وباختصار معالجتها هلال هذه المرحلة، ويتولى فريق التقييم تحليل ومعالجة هذه المعطيات مقارنة مع مقاييس المرجعية الخاصة بالتقييم السابق ذكرها (أهداف المشروع المواد والأنشطة المحققة والنتائج المتوصل عليها والفعالية...)
2– استغلال المعلومة:
 خلال هذه المرحلة، يجب على الفريق المكلف بالتقييم استخلاص النتيجة الضرورية، وهكذا يتم استعمال المعلومة من أجل اتخاذ القرارات وربما أيضا من أجل إعادة توجيه النشاط.
وتنتهي هذه المرحلة بتحرير تقرير التقييم مع الاعتماد على مقاييس المرجعية السابق وضعها.
ويحيل تقرير التقييم مجملا على:
Ø           دورة جديدة للتحديد إذا تعلق الأمر بتقييم بعد انتهاء المشروع أو البرنامج الواجب تقييمه.
Ø            مراجعة مخطط العمل إذا تعلق الأمر بتقييم إبان إنجاز المشروع.
أحدث أقدم