هندسة المشاريع - دليل عملي للجمعيات حول كيفية تخطيط و هندسة مشروع تنموي (ج6).


III – دورة الحياة بالنسبة لمشروع معين


تقديـم :
يتطور النشاط الجمعوي داخل بيئة معقدة وخصوصا عبر عدد المتغيرات التي يجب التحكم فيها ( تعقد الظواهر الاجتماعية المتعلقة بالتهميش والإقصاء الاجتماعي والاقتصادي، ندرة الوسائل البشرية والمالية)، ثم عدم استقرار المقاييس المؤقتة الاقتصادية والبيئية، وهذه العناصر تفرض اختيار طرق تنظيم وعمل مرنة تسهل تنسيق الأنشطة وتدبير الشراكات وانسجام التدخل.
وفي نفس السياق، يعتبر التسيير من خلال مشروع أحد إشكال التدبير التي أعطت نتائج فعالة رغم الاكراهات المذكورة، ويعتمد هذا الأسلوب على مجموعة أنشطة وأعمال منظمة بغرض الوصول إلى هدف معين في وقت محدد مع إشراك الفاعلين المعنيين.
ما هو المشروع ؟ إنه تعبير عن رغبة،وعن إرادة، وعن هدف، وعن طموح. إنه كذلك تعبير عن حاجة، وعن وضع مستقبلي مرغوب فيه.  ويمكن لمفهوم كلمة مشروع أن يلائم مجموعة متنوعة من الوضعيات وخصوصا بواسطة مجموعة من الإجراءات والمقاربات التي تحيل على الشراكة وتوجيه العمل نحو المواطنين،والتعاقد في مجال الحقوق والواجبات المتعارف عليه بين الشركاء ثم اللجوء إلى المتابعة والتقييم.
ويمكن المشروع من إدماج سياق للتغيير الذي يتحول إلى الاستمرارية مع التعامل الجذري مع مشاكل التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ولفهم أكبر لمفهوم المشروع، يدرس الجزء المقبل تعريف المشروع ومحتوى كل مرحلة من مراحل دورة حياته.
 1 – تعريف المشروع :
إن مفهوم المشروع  يرتبط بعدة تعريفات تتلاقى من حيث مضمونها وحمولة      التصورات التي نعطيها للمشروع ولوظائفه وللأهمية الممنوحة لبعض مكوناته.
وفي هذا السياق، يمكن الاحتفاظ بالتعريف التالي: "المشروع هو مجموعة من الأنشطة المبرمجة داخل الزمان والمكان للوصول إلى أهداف ونتائج انطلاقا من معطيات محددة وحسب مراحل متتابعة وجد مرتبطة ببعضها".
ولهذا فإن المشروع يرتبط بمجموعة أنشطة مدمجة ضمن بيئة سياسية – اجتماعية – اقتصادية ويرنو إلى هدف أعيد تعريفة تدريجيا بواسطة العلاقة الجدلية بين التوقعات والحقيقة وعليه، يجب وضع أي مشروع داخل البيئة التي سيولد وينمو فيها تدريجيا و يتحول من أجل تحقيق الأهداف المرجوة منه بجعله حقيقة مادية وملموسة .
 2 – دورة حياة مشروع:
يعرف المشروع مجموعة من المراحل الأساسية والمرتبطة ببعضها لخلق دورة حياته.
وهكذا،يبدأ المشروع على شكل فكرة وهي نتيجة تحليل وضعية ملاحظة سواء من طرف الفاعلين الأساسيين (السكان) أو الجمعية. وتولد هذه الفكرة وتتجسم عندما يتبناها ويمتلكها الفاعلون الأساسيون. وتنعت هذه المرحلة ب "مرحلة التحديد".
ويجب أن تكون فكرة المشروع موضوع تفكير عميق يؤدي إلى إعداد هدف عام إلى جانب أهداف خاصة ومعدودة يمكنها تحقيق الهدف العام، ولا تصبح هذه الأهداف مادية إلا بإعادة القنوات والوسائل الملائمة لجعلها ملموسة،وهذا ما نسميه "مرحلة التخطيط" .
وخلال هذه المرحلة، على الجمعية الإجابة عن مختلف الأسئلة التي يطرحها إنجاز نشاط معي،ن أي المشكل الذي نبحث عن حل له،وأهداف المشروع، وإمكانية تحقيقه، ومخطط عمله ومؤشرات نجاحه ... ويجب أن تشتمل هذه المرحلة أيضا على تعبئة الموارد البشرية والماديةوالمالية) .
ويحدد التفكير المسبق الفاعلين والأدوات والوسائل ويمنح بذلك شكلا للمشروع، وهذا ما يسمى ب"مرحلة التنفيذ"التي تعمل على إظهار عناصر التخطيط في الميدان.
وأخيرا، وللتأكد من تحقق التوقعات، وربما لإعادة تقويمها، تجب المتابعة المستمرة للأعمال .
وقبل الدخول في هذه المرحلة، يجب طرح بعض التساؤلات: من يفعل ماذا؟ ولماذا؟ وأين؟ ومتى؟ وكم؟ وبهذا تستطيع الجمعية التحكم في إنجاز المشروع.
وفي نهاية أنشطة المشروع، من المناسب تخصيص مرحلة للتثمين والتأكد من الإنجازات.وكذلك، من أجل التحقق من درجة بلوغ الأهداف التي سبق تحديدها ولتثمين الطريقة المتبعة في إطار المشروع، وكذا للتدقيق  في مدى أهمية وفعالية هذا التدخل بشكل عام ،وهذه المرحلة هي التي ننعتها ب "مرحلة التقييم". ويتم القيام بهذه المرحلة في أوقات معينة خلال مرحلة تنفيذ المشروع أو في أوقات يتم اختيارها مسبقا وخصوصا بعد نهاية المشروع.




 3 – رسم بياني لدورة حياة المشروع:  
 

 من المهم التأكيد على ضرورة احترام دورة الحياة هذه بالنسبة لكل مشروع تم وضعه من طرف جمعية معينة. وتتميز هذه الدورة بمستويين، وتتطلب علاقة ربط وتنسيق من طرف الجمعية .
ويعتبر المستوى الأول توقعيا وتصوريا، ويرتبط بدراسة الحاجيات والتخطيط وإعادة وثيقة المشروع. أما المستوى الثاني فهو ذو صبغة تطبيقية، ويتم بعد الموافقة على المشروع وتمويله وإنجازه .
4 – أنشطة متعلقة بمراحل الخاصة بدورة حياة المشروع:
بشكل عـام، تتخلص الأنشطة الرئيسية المتعلقة بمختلف مداخل دورة حيـاة المشروع في  :
1       - التحديد:
-        تحسيس الساكنة؛
-        تجميع المعلومات حول المشاكل وأسبابها؛
-        دراسة المعطيات وصياغة الأفكار؛
-        مناقشة حلول ممكنة مع الأطراف المعنية؛
-        اقتراح حلول يمكن تحقيقها؛
2       – التخطيط :
-        تحديد الأهداف المرجوة من المشروع؛
-        اقتراح أنشطة تمكن من بلوغ الأهداف ؛
-        مناقشة إمكانية العمل التقنية والمالية للأنشطة؛
-        مناقشة الوسائل المتاحة والممكنة؛
-        تحديد طبيعة مساهمات الأطراف المعنية؛
-        اقتراح طرق متابعة المشروع؛
-        مناقشة أنظمة استمرارية المشروع؛
3        – التنفيذ :
-        إعلام والإتصال بالأطراف المعنية؛
-        إعداد مخطط عملي؛
-        وضع أجندة التطبيق؛
-        مناقشة ووضع نظام للمتليعة والمراقبة.
-        إعطاء الانطلاقة للأنشطة.
4- التقييم.
-الرجوع على الأهداف المسطرة والأنشطة المتوقعة
-        مقارنة الأنشطة المنجزة مع تلك المتوقعة
-        تحديد مستوى إنجاز الأنشطة والمشاكل التي ظهرت وتلك الخاصة بكل نشاط
-        تحديد مجموع الأسباب التي أدت إلى المشاكل الظاهرة على كل المستويات
اقتراح الحلول الملائمة لتجاوز هذه المشاكل
أحدث أقدم